إن فصل الدين عن السياسة لا يعني التقليل من شأن الدين أو إلغاء دوره في المجتمع بل يعني الحفاظ عليه ولكن في حقيقة هذا الأمر إذا ما أردنا الإصلاح الجذري للمؤسسة الدينية والتعليم ومحاربة الطائفية والإرهاب لابد من فصل الدين عن السياسة وتطوير العملية الديمقراطية وهي مهمة تمثل الحرص على استقرار المجتمع كله نحن بحاجة إلى تحرير الدين من قبضة السياسة أكثر من حاجتنا إلى منع استغلال الدين في السياسة لأن أحدًا في التاريخ لم يكن بوسعه إدعاء الحق المطلق في النطق باسم الدين ولم يتمكن أي عالم إلى عالم آخر إن ما تحتاجه المجتمعات العربية والإسلامية عمليًا ليس تحرير السياسة من الدين، وإنما تحرير الدين من قبضة السياسة لأنها هي من تستخدمه عمليًا في تبرير القمع والفساد، وكل ذلك في دائرة الإصلاح السياسي الحقيقي ولذلك إن القوة إلاسلامية لا يمكن وحدها أن تكون بوسعها الإدعاء بأنها تمثل الدين في ظل كثرة الحركات واختلافها في تفسير النصوص وتباين طروحاتها.

فإن مكافحة الإرهاب تبدأ من فصل الدين عن السياسة وهو ما يتوافق مع ضرورة الحفاظ على الدين من توظيفه لخدمة أهداف وتوجيهات الجماعات الدينية بكافة أشكالها حتى لا يقع الوطن فريسة هؤلاء المتنازعين ممارسة السياسة ضمن الإطار الديني ومن المرجح أن تتسبب بضعف الدولة فبينما توظيف الشعارات الدينية في الخطاب السياسي يمكن له أن يعزز من فرص الوصول إلى نتائج ايجابية كتجنب الانفجارات الخطيرة من العنف في ظل الأنظمة الاستبدادية لكنه يمكن أن يعطي مساحة أوسع للنخب السياسية والدينية في استغلال الدين لمصالحهم الخاصة إن استقرار الدولة المدنية لا يتحقق فقط بتوفير الحقوق واحترام القيم الديمقراطية بل بانتهاج سياسات واضحة وصارمة ضد العنف والارهاب ولا يمكن تجاهل فصل الدين عن السياسة لاعتباره أصلًا لتقدم المجتمع على قاعدة التنمية والحداثة والتحديث والمساواة بين الدول.