شابات شالوم" والحرم المكي: الفصل الجديد من صفقة القرن - التقارب نيوز
شابات شالوم” والحرم المكي: الفصل الجديد من صفقة القرن

بقلم: د. هبة جمال الدين

الاستاذ المساعد في  العلوم السياسية، معهد التخطيط القومي- وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية ورئيس قسم الدراسات المستقبلية بمعهد التخطيط القومي 

بدأت إسرائيل مرحلة جديدة من مراحل صفقة القرن عبر نشر أوفير جندلمان، مدير مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو صورة لتحية عبرية من أمام الكعبة المشرفة أعقبها ترويج صفحة وزارة الخارجية الإسرائيلية لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى أن المتحدث العسكري الإسرائيلي “أفيخاري أدرعي” علق قائلاً شابات شالوم اليهودية (أي سبت مبارك) داخل الحرم المكي. ما أجمل التعايش والاحترام المتبادل @IsraelArabic“.“ـ ولكن سرعان ما تم نشر الصورة وتداولها حتى أكد خبراء في التصميم وبرامج التعديل الصوري، أن الصورة مزورة وأن الهدف من نشرها “خبيث” لغايات صهيونية.

في الواقع التزوير كان واضحا منذ البداية لم يحتاج لمتخصص أو خبير يمكن رؤيته بالعين المجردة. هنا يكمن السؤال هل التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة جدا غاب عنها حرفية التزوير الفوتوغرافي. استطيع الإجابة بشكل قاطع بالطبع لا، إذا ما هو الهدف من ذلك، وهل هذه المرة الأولي التي يتم تداول على صفحات التواصل لاشخاص اسرائيلين بالاماكن المقدسة بالمملكة العربية السعودية.

هنا يمكنني طرح بعض النقاط في السطور القادمة:

في 22 نوفمبر 2017 حدث أمر مشابه عبر تصوير إسرائيلي صهيوني لنفسه داخل المسجد النبوي من أصل روسييُدعى بن تسيون تشدنوفسكي مما أثار حالة من الغضب بين المستخدمين العرب لوسائل التواصل الاجتماعي. والغريب تعليقه على فيسبوك مرفقا بصورة له وهو يؤدي رقصة السيف الشهيرة في السعودية مرتديا ملابس سعودية تقليدية“شعب السعودية سيقف بجانب الأمة اليهودية جنبا إلى جنب.” وقال في تعليق آخر: “السلام في الشرق الأوسط بالاحترام والحب لبعضنا البعض.” وبسؤاله عن الحظرعلى غير مسلمين زيارة مكة المكرمة بالإضافة إلى أماكن في وسط المدينة المنورة حيث يقع المسجد النبوي، كان ردهإن المواقع الدينية في المدينة مفتوحة لعامة الناس. هنا يمكننا ملاحظة ثلاثة أمور:
o الاول: اختيار المسجد النبوي
o الثاني: السلام سيحدث في الشرق الاوسط
o الثالث السلام سيحدث عبر الاحترام والحب لبعضنا البعض

فهل هذه التصريحات لها أية علاقة بتعليق المتحدث العسكري الإسرائيلي على شابات شالوم “ما اجمل التعايش والاحترام المتبادل”، حيث يتضح أن الاحترام المتبادل هو المطية الجديدة وأن المدخل هى المواقع الدينية فاختيار الحرم المكي أمر ليس محض الصدفة.

أيضاً لماذا يتم التزوير وما دلالة هذا التوقيت:

التزوير: يأتي في إطار الحرب النفسية الإسرائيلية التي تشنها على المنطقة لقياس رد الفعل العربي من مثل هذه الصورة. خاصة أن صورة بن تسيون 2017 اثارت حملة من الغضب الشعبي الجارم من قبل.
التوقيت: عقب ورشة المنامة بداية الحديث عن مشروعات اقتصادية مشتركة فهل التطبيع الإسرائيلي مع رجال الأعمال قد يمتد للشعوب

إلا أن التساؤل الأهم هو لماذا الحرم المكي، وقبله المسجد النبوي: هنا الأمر يحتاج لبعض التأصيل:

أولاً: الحرم المكي: أصبح محل جدل في الكتابات الصهيونية بشكل كبير؛ حيث تكشف القراة للمصادر الصهيونية عن المطامع الصهيونية الكامنة تجاه المملكة العربية السعودية، وتقدم السطور القادمة الخطوط العامة التي يتم الحديث فيها عن اسرائيل:

الكعبة: رمز للحرية والخلاص اليهودي من العبودية ويرددون أن من بني الكعبة هو نبي الله إبراهيم الذي يعتبرونه ملكا خاص لهم
الكعبة: مصدر دخل كبير للسعودية لابد من السيطرة عليه
الحرم المكي: زيارته فريضة على كل المسلمين بغض النظر عن كونهم سنة أو شيعة … لذا يمكن استغلال الصراع السني الشيعي بين السعودية وإيران للإدعاء زورا بعدم قدرة أو رغبة السعودية على السماح لكل المسلمين بإقامة الشعائر الدينية ومن ثم سيطالبون بتدويله في البداية تمهيدا لادارته من قبل دولة متسامحة دينيا تسمح بممارسة كافة الشعائر الدينية بحرية كاملة، وهنا تصدر إسرائيل نفسها بإعتبارها دولة متسامحة مقابل الدول العربية التي لا تعرف حرية ممارسة الشعائر، حيث تضع على صفحات وزارة الخارجية الإسرائيلية (انظر صفحة وزارة الخارجية الاسرائيلية في جنوب السودان) فيديوهات –زائفة- تصور وضع المسيحين في الدول العربية ككل بما فيها مصر والسعودية وتصفه بالاضطهاد وفي نفس الفيديو تظهر صور اسرائيل وهي تسمح بممارسة الشعائر في المساجد والكنائس والمعابد. ولا اعلم بالفعل كيف لم تتصدي وزارات الخارجية العربية لهذا السفه والتزوير الصريح والخبل الصهيوني المزور؟؟!!!
الكعبة: تكمل الركن الخامس من الإسلام ومن ثم السيطرة عليها سيؤدي لهدم هذا الركن الخامس ومن ثم سيسقط الاسلام وفقا لما جاء في كتاب آفي ليبكن ضابط الموساد الاسبق- عن العودة إلى مكة الصادر عام 2016، والذي ثم مأسسته سياسيا في حزب سياسي تعترف به إسرائيل حيث تم إنشائه عام 2018 ليحمل اسم Bible Bloc الذي يفيد أن مشكلة المسلمين تكمن في الاسلام ذاته وبهدم الكعبة سيسقط الاسلام. ومن ثم يمكن السيطرة على خطر الاسلام –كما يدعي- وتحويلهم لتابعين للدول الغربية التي ستدير مكة مع اسرائيل.

والتمهيد لذلك سيكون باثارة الصراع السني الشيعي الذي سيشعل الحرب على الحرم ومن ثم سياتي السنة العرب من كل حدب وصوب ضد الشيعة بايران والحوثين للتقاتل معا ومن ثم يتم وصمهم بالتطرف وينجح مخطط التدويل للحرم المكي والسيطرة الصهيونية عليه.

مكة والمدينة وعسير كلها أراضي كان بها اغلبية يهودية ومن ثم يجب العودة إليها، هنا على القارئ أن يتذكر المطالبات الاسرائيلية بتعويضات من السعودية عن ممتلكات اليهود هناك، أيضا علينا الحذر من دور جمعيات حفظ التراث كجزء من مشروع صهيوني عالمي ينتشر في كل دول العالم.

ما علاقة هذا الطرح بتوقيت المنامة ثم قمة العشرين وحديث الرئيس ترامب مع الامير محمد بن سلمان بأن العالم ممثل في امريكا يتوجه بالشكر على السعودية لما تحدثه من انجازات وخدمة للعالم ككل. ولماذا استهداف الاماكن المقدسة والحديث عن الاحترام المتبادل كمدخل للتعايش والسلام بالشرق الاوسط

هنا سأطرح أمام القارئ بعض الاطروحات التي ذكرتها مراكز الفكر الامريكية حول ملامح مشروع جديد يهدف لحل ازمة الشرق الأوسط ككل:

الديانات الثلاثة هى ديانات ابراهيمية وأن سيدنا ابراهيم ابو الانبياء وهو الجذر الشائع بين الديانات الثلاثة
المشترك الابراهيمي هو الذي سيسمح بقبول التطبيع مع اسرائيل شعبيا
التسامح والتعايش المشترك هو المدخل للسلام
سبب الصراع بالاساس هو ازمة احترام بسبب احساس السيدة هاجر والسيدة سارة بعدم الاحترام المتبادل ومن ثم توارث العداء لذا فمدخل الحل هو الاحترام والتعايش ونبذ خطاب الكراهية الذي بدا الغرب في لصقه بنا وصدقناهم للاسف رغم أنهم هم اساس الكراهية والعداء والعنصرية..
الحل هو اعادة قراءة الصراع كصراع بنيوي حول ازمة الهوية التي سيحلها الاحترام المتبادل كأسرة ابراهيمية واحدة فجميعنا اولاد عم والحديث عن الارض لا مجال له هنا
المدخل هو المدن المقدسة بداية من القدس مرورا بالحرم والمسجد النبوي. وقد صمتنا عن نقل السفارة ثم قانون القومية ومن ثم علينا التفكير عن وجهة المحطة القادمة
السياحة الدينية مدخل مهم للحديث عن التواجد الاسرائيلي في كافة الدول العربية

ماذا تم في هذا الشأن:

مشروع للسياحة الدينية يسمى مسار إبراهيم “يرفع شعار السلام الديني العالمي” ينتشر في كافة الدول العربية إلا أن السعودية لم يتم الاعلان عن هذا المشروع بها ولكن بدأت تنزل صور تحمل صورة الكعبة على صفحة المسار وبدأت الاخبار تتداول حول زيارات للسعودية من قبل رواد المسار.
بيت العائلة الابراهيمية الذي تم تأسيسه مؤخرا في احد الدول العربية
عدد من المؤتمرات على الاراضي العربية تناقش ما يسمى بالمشترك الابراهيمي
قيادات من تيار الصوفية العالمية تزور الدول العربية وتنادي بالمواطن العالمي الذي لا يؤمن بوجود مدن دينية مقدسة
الصراع السني الشيعي وتأجيجه مدخل مهم للقبول بوجود اسرائيل ضمن منظومة المشترك الابراهيمي
داعش والارهاب المنتشر بالدول العربية والدعم الصهيوني لمخطط التقسيم والانتصار للدعاوي الانفصالية كما حدث في السودان وحاولوا فعله بكردستان العراق. لتفتيت المنطقة للقضاء على الدول العربية القومية
ورشة المنامة بداية لتأصيل التعاون الاقتصادي كمدخل للتشارك في الموارد الذي يتوجه التواصل الروحي الابراهيمي

هنا لابد أن نعي، أن الفصل الثاني من المخطط قد بدأ رغم تقييم العديد من الخبراء لورشة المنامة بأنها ورشة فاشلة ولم تؤتي ثمارها، ولكن هنا سأقول ان الهدف منها قد تحقق بالفعل وهنا توقيت المرحلة الثانية.

علينا أن نرفض كل هذه الخزعبلات الصهيونية لانها كلها زيف وتشويه للحقائق وضياع للاراضي العربية يتبعه ايران ثم تركيا فإيران مدرجة في المخطط ليتم التلاعب بها وبأطماعها التوسعية وجرها في حلقة مفرغة من التصعيد وساحات القتال بالعراق وسوريا واليمن لاستدراج دول الخليج للاستجابة للمخطط الجديد ودفع اموال ثمن المخطط الذي شاهدناه في ورشة المنامة كسلوك امريكي صهيوني شره، ثم تركيا كمطية لتحقيق التقارب الابراهيمي كدولة اسلامية تسيس الاسلام لاغراضها السياسية ولا تمتلك اية مقدسات كمكة والمدينة او منابر علم كالازهر الشريف، وبعد ذلك ستلتهمها الأفعى الصهيونية المتحولة.

علينا أن نرفض وهم المشترك الابراهيمي فالاديان سماوية وليست ابراهيمية وننتبه أن الكراهية هى خطاب صهيوني غربي بالاساس واننا دول متسامحة نحترم كافة الشعائر الاسلامية والمسيحية واليهودية،وأن ما نرفضه هو التوسع الصهيوني الرافض لاقامة دولة فلسطينية ويسعى لالتهام المنطقة ككل، وان نوقف الصراع السني الشيعي من اساسه وننتبه إلى مخطط الاستعمار الجديد الذي يسعى لتحقيق خرافة “ارض اسرائيل الكبرى” لتحقيق هرمجدون المزعومة ونهاية العالم وفق حلم المسيحية الصهيوينة والانجلين بالولايات المتحدة الامريكية.

هنا يمكن توجيه تلغرافات سريعة، على النحو التالي:

إيران:

لا مجال لاية افكار توسيعة على حساب أية دولة عربية فقد مضي هذا العهد
التفكير لابد أن يكون في التعاون مع الجانب العربي وليس تحديه او اثارته
لابد من العمل معا على اعادة استقرار العراق وسوريا واليمن فبقاء تلك الدول سيقضي على الوهم الامريكي بالقضاء على الدول القومية العربية
ايران مخطط ايقاعها ككل بسبب ما تتضمنه من مصارد للبترول تماما كدول الخليج ومن ثم فصالحها ان تبقي الدول العربية قائمة وموحدة وان يكون التعاون هو الاساس
فعليها التخلي عن أية مطامع استعمارية ووهم تصدير الثورة الايرانية

تركيا:

الدور التأمري ضد الدول العربية ومصر سيكون خنجر في عرش اردوغان وفي بقاء واستقرار تركيا
التقارب مع اسرائيل والتامر مع الغرب على امل عودة المطامع العثمانية أمر مدمر لها لان بقاءها هو ببقاء الدول العربية لانه مخطط التلاعب بها كمطية تركب ثم يتم التخلص منها لصالح الحلم الصهيوني الانجيلي الاكبر “ارض اسرائيل الكبرى”
دعم الاخوان هو دعم للارهاب الذي يمهد للقبول بهذا الوضع الخطير والمخطط الاستعماري الجديد
بقاء تركيا مرهون ببقاء المنطقة ككل وعلى اردوغان ان يفوق من مطامعه وجهنم التي اشعلها ولن تحرق إلا هو وجماعته

الدول العربية ككل:

مخطط الاستيلاء على الحرم المكي مخطط صهيوني مرفوض من كافة المسلمين ولن يسمح به أبدا فهو مخطط دموي من الطراز الاول
بقاء الدول العربية ككل موحدة وقوية هو اساس الممانعة والمجابهة للمخطط الجديد
مازالنا قادرين على رفض المخطط وعلينا الانتباه إلي خطورته
التقارب مع اسرائيل هو تقارب من افعى ستلتهم المنطقة ككل، فعلينا ألا نفقد اسلحة الممانعة من مقاطعة ورفض التطبيع
الموقف المصري الرافض لصفقة القرن موقف مشرف ومن المهم استمراره والتعاطي معه عربيا بشكل اكبر فالقوة في الوحدة وليس الفرقة
الصراع السني الشيعي لابد من القضاء عليه وحلهباسرع وقت ممكن
قطر وكل الدول المتأمرة ليس لها وجود في الخريطة الاستعمارية الجديدة تماما فهى مطية لتحقيق المخطط الاستعماري الجديد ومألها الزوال على أيدي اسرائيلية أمريكية غربية. فعلى تميم وأعوانه أنه يدركوا ذلك حق قدره

وفي الختام ، أؤكد أن الممانعة عربية ونحن ذات سيادة وقدرة على المجابهة ولن يستطع الصهاينة تحقيق أغراضهم الدنيئة ولن تتحقق خرافة ارض اسرائيل الكبرى فعليهم التسليم بالعيش في سلام جنبا إلى جنب مع دولة فلسطينية ذات سيادة على ان ترسم حدودها وتعيش بسلام كاحد دول المنطقة،  وما دون ذلك لن يتحقق أبدا. حمى الله مصر وحمى مكة والامة العربية ككل.


0 ردود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بحث




الحصول على آخر الأخبار تسليمها يوميا!

سنرسل إليك الأخبار العاجلة في صندوق البريد الوارد


© 2018 altaqarub, Inc. Privacy policy