جاليات عربية ... ولكن؟ - التقارب نيوز
جاليات عربية … ولكن؟
كتب: مازن عباس

منذ نهاية التسعينيات في القرن الماضي شهدت روسيا عدة محاولات لتأسيس أطر مصرية او عربية إجتماعية من أجل توحيد جهود المقيمين ليس فقط في تقديم المساعدة لمن يحتاجها منهم وانما لتقديم صورة حضارية عن بلادنا في ظل حملات يشنها الاعلام الروسي الذي يسيطر عليه اللوبي الصهيوني الحريص علي تشوية صورة العرب وخاصة المصريين وتقديمهم للرأي العام الروسي اما كإرهابيين يقتلون الابرياء، أو كمرتزقة جاهزون لبيع كل شيئ حتي وطنهم (كما شهدنا منذ فترة قليلة في برامج التلفزيون الروس).

لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، ولم يتمكن العرب من تأسيس اي اطار فاعل ونشيط، كما فشل المصريون في بناء مؤسسة إجتماعية تستوعب الاف المهاجرين القادمين من الوطن لتأهيلهم للعيش في مجتمع الاغتراب الجديد.

وبمقارنة بسيطة مع المهاجرين العرب في أوروبا الغربية والنجاحات التي تحققها الجالية العربية هناك، مع وضع المقيمين العرب في روسيا سنجد لهذا الفشل اسباب واضحة.

اولاً: لايزال المقيم العربي يتعامل مع وضعه في روسيا كهجرة مؤقتة، لايبغي منها سوي كسب الرزق وجمع المال، وبالتالي لايري مبرر او فائدة في صرف جهود في تاسيس أطر عمل إجتماعي، لكن حقيقة الأمر أن هذه الهجرة تتحول الي هجرة دائمة، وتذوب اسرة هذا المقيم العربي في مجتمع المهجر خاصة إذا كانت الزوجة روسية.

ثانياً: لايشعر المقيم العربي في مراحل حياته الأولي باي إحتياج لهذه الأطر لأنها عاجزة عن تقديم خدمات فعلية له، فهو بمجرد حصوله علي الإقامة الدائمة او الجنسية يحصل علي حق العلاج المجاني وحق تعليم ابنائه في المدارس الحكومية بالمجان، بعبارة أخري يحصل علي كافة الامتيازات التي يتمتع بها المواطن الروسي.

ثالثاً: يتمسك المقيم العربي بفرض أمراض مجتمعاتنا وخلافاتها علي مجتمع المهجر ناسياً أو متناسياً أن جوهر علاقاته مع إخوانه من المقيمين والمشاكل التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية لا علاقة لها بتركيبة مجتمعاتنا ولا تشبه علي الاطلاق جذور أو أسباب الخلافات والصراعات السائدة هناك.

رابعاً: تبقي فئة من محترفي السبوبة التي تري في هذه الأشكال سبيل للإسترزاق عبر جمع التبرعات والحصول علي دعم الحكومات العربية وتسويق نفسها كشخصيات عامة لها علاقات كفيلة بإنجاح صفقات بيزنيس او ما شابه، ما يؤدي الي انها لاتهتم باهداف التجمعات العربية او المصرية ولا بمشاكل المقيم في بلد المهجر، فتفقد هذه الأشكال مصداقيتها وينفض من حولها الناس.

خامساً: وجود فئات من ابناء مجتمعاتنا مغامرة وتتسول أسباب الحياة ولا تجيد العمل لبناء حياتها، ما يجعلها تري في هذه المؤسسات جهات فوقية نزلت من السماء مجبرة علي تقديم كل المساعدات لها وإلا فهي فاشلة، وتتعمد أو لا تري هذه الفئات أن مؤسسات المهجر هي تجميع لجهود المهاجرين للعمل المشترك لمساعدة بعضهم البعض.

سادساً: حالة التجريف التي يعيشها العقل العربي والتي وصلت لمرحلة جهل فئات كثيرة بثقافتها وحضارتها، ما يجعلها عاجزة عن تقديم اي صورة لبلادها ومجتمعاتها في بلد المهجر.

ان البداية دائما صعبة وعلينا ان نتذكر ان مؤسسات المهجر في اوروبا الغربية بدأت منذ عشرات السنين ووجهت مئات الأزمات لتصل لمرحلة تكون فيها قادرة علي الاستمرار وتقديم أشياء متواضعة للمهاجر العربي ولمجتمع المهجر، ولكن البداية تكون دائما من تثقيف وتوعيه المهاجرين ليس فقط بسبل الحياة والتكيف في بلد المهجر، وانما ايضا بكيفية إكتساب احترام وإهتمام مجتمع المهجر.


0 ردود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بحث




الحصول على آخر الأخبار تسليمها يوميا!

سنرسل إليك الأخبار العاجلة في صندوق البريد الوارد


© 2018 altaqarub, Inc. Privacy policy