خسارة عالمية وادبية و تاريخية .. حريق كاتدرائية نوتردام - التقارب نيوز
خسارة عالمية وادبية و تاريخية .. حريق كاتدرائية نوتردام
محمود صابر

انهيار برج وسقف كاتدرائية نوتردام الأثرية رغم محاولات رجال الإطفاء إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الهيكل الرئيسي لها في العاصمة الفرنسية، حيث اندلع حريق في الكاتدرائية أحد أشهر الصروح الدينية والسياحية في باريس والعالم.

ولم يتضح بعد سبب الحريق، لكن المسؤولين يقولون إنه قد يكون مرتبطا بأعمال التجديد الحاصلة في المبنى.

وجرت عملية كبرى لإخماد واحتواء الحريق في المبنى ذي الطراز القوطي الذي يعود تاريخه إلى 850 عاما، والذي ارتبط اسمه برواية الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو، صاحب رواية “احدب نوتردام”

وكانت الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا طالبت العام الماضي بتوفير الأموال لصيانة المبنى المهدد بالتداعي.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في خطاب عاطفي وجهه إلى الشعب الفرنسي “سنعيد بناء الكاتدرائية” معلنا تدشين حملة لجمع التبرعات لهذا الغرض.

وأضاف ماكرون من موقع الكاتدرائية، أنه يشعر بالحزن العميق مثل كل الفرنسيين قائلا “أنا حزين الليلة لرؤية هذا الجزء المهم منا يحترق”.

وقال مسؤول في قصر الإليزيه إنه بسبب الحريق ألغى ماكرون خطابا كان سيوجهه للأمة قبل الحادث.

وتجمع آلاف من الناس في الشوارع القريبة من الكاتدرائية لمتابعة الحريق في صمت بينما سمع بعضهم يبكي والبعض الآخر يردد التراتيل الدينية.

وقال متحدث باسم الكاتدرائية، إن المبنى بأكمله “يحترق”، وأضاف “لن يبقى شيء، ولم يتبق سوى أن ننتظر لنرى ما إذا كانت القبة، التي تحمي الكاتدرائية ، ستتأثر أم لا”.

ووصفت عمدة باريس آن هيدالغو، متحدثة من موقع الحادث، الحريق بـ”المروع” وحثت الناس على احترام الطوق الذي فرضته فرق الإطفاء من أجل ضمان سلامتهم.

وقال المؤرخ كميل باسكال لإحدى القنوات الفرنسية إن الكاتدرائية تمثل تراثا إنسانيا لا يقدر بثمن”.

وأضاف “لمدة 800 سنة كانت الكاتدرائية تطل على باريس ولطالما قرعت نواقيسها للاحتفال بالأحداث السعيدة للوطن أو إعلان الحزن بسبب الكوارث التي وقعت، ولا يمكن إلا أن نشعر بالحزن الشديد لما حدث”.

– المساعدات الدوليه لاطفاء الحريق

واقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر تويتر “استخدام مروحيات محملة برشاشات مياه” لإطفاء الحريق.

وعرضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تقديم الدعم لشعب فرنسا، ووصفت نوتردام بأنها “رمز للثقافة الفرنسية والأوروبية”.

أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، فقالت في تغريدة على موقع تويتر “تعاطفي الليلة مع الشعب الفرنسي ورجال مواجهة الطواريء الذين يكافحون ألسنة النيران الرهيبة في كاتدرائية نوتردام”.

وبنيت كاتدرائية نوتردام في مكان بناء أول كنيسة مسيحية في باريس، وهي “بازيليك القديس استيفان” والتي كانت بدورها مبنية على أنقاض معبد جوبيتير الجالو-روماني، النسخة الأولى من نوتردام كنت كنيسة بديعة بناها الملك شيلدبرت الأول، ملك الفرنجة وذلك عام 528م، وأصبحت كاتدرائية مدينة باريس في القرن العاشر بشكلها القوطي، وقبة الكنيسة ترتفع إلى 33 متراً.

– نبذة عن تاريخ الكاتدرائية

وبدأ بناء الكاتدرائية عام 1160 تحت قيادة الأسقف موريس دي سولي، وكانت كاملة إلى حد كبير بحلول عام 1260، على الرغم من أنه تم تعديلها بشكل متكرر في القرون التالية، ولقرون كان يتم تتويج ملوك فرنسا في الكاتدرائية، وفي عقد 1790، عانت الكاتدرائية من تدنيسها أثناء الثورة الفرنسية، حيث أتلفت ودمرت الكثير من لوحاتها الدينية، وفي عام 1804، كانت الكاتدرائية الموقع الذي شهد تتويج نابليون بونابرت كإمبراطور فرنسا، وشهدت معمودية هنري كونت تشامبورد في عام 1821، وجنازات العديد من رؤساء الجمهورية الفرنسية الثالثة.

ازدهر الإهتمام الشعبي بالكاتدرائية بعد وقت قصير من نشر رواية فيكتور هوجو بعنوان “أحدب نوتردام” في عام 1831. أدى ذلك إلى مشروع ترميم كبير بين عام 1844 وعام 1864، تحت إشراف يوجين فيوليه لو دوك، الذي أضاف أبراج الكاتدرائية الشهيرة. تم الاحتفال بتحرير باريس داخل كاتدرائية نوتردام دو باري في عام 1944 تلاه إنشاد نشيد مريم. ابتداءً من عام 1963، تم تنظيف واجهة الكاتدرائية وأعادتها إلى لونها الأصلي. وتم تنفيذ مشروع تنظيف وترميم آخر بين عام 1991 وعام 2000.

الكاتدرائية هي واحدة من أكثر الرموز الحضارية والثفافية المعترف بها على نطاق واسع لمدينة باريس والأمة الفرنسية. وبإعتبارها كاتدرائية مقر أبرشية باريس، هي أيضاً مقر رئيس أساقفة باريس ميشيل أوبيتيت. ويزور كاتدرائية نوتردام دو باري 12 مليون شخص سنويًا، مما يجعل الموقع النصب الأكثر زيارة في باريس.

في عام 1160، بعد أن أصبحت الكنيسة في باريس “كنيسة الرعية من ملوك أوروبا”، اعتبر الأسقف السابق موريس دي سولي باريس كاتدرائية سانت إتيان (سانت ستيفن)، التي أنشئت في القرن الرابع، لا تليق بدورها النبيل، وقد هدمت بعد وقت قصير من توليه لقب “أسقف باريس”. كما هو الحال مع معظم الأساطير المؤسسة، هذا الحساب يجب أن يُؤخذ مع حبة المَلح، حيث إقترحت الْحفريات الأثرية في القرن العشرين أن تستبدل الكاتدرائية بسولي نفسها ببنائها الضخم، مع صحن وواجهة بحوالي 36 متراً. ولذلك فمن الممكن أن الأخطاء مع الهيكل السابق كانت مبالغاً باأسقفها وذلك للمساعدة في تبرير إعادة بناء على أحدث طراز. وفقا للأسطورة، سولي كان رؤية للكاتدرائية الجديدة المجيدة لباريس، ورسمت على أرض الواقع خارج الكنيسة الأصلية.

للبدء بالبناء، هدم الأسقف عدة منازل، وبنى طريقاً جديدة لنقل المواد لبقية الكاتدرائية. بدأ البناء في عام 1163 في عهد لويس السابع، واختلف الرأي بشأن ما إذا كان سولي أوالبابا ألكسندر الثالث أرسى حجر الأساس للكاتدرائية. ومع ذلك، كرس الأسقف دي سولي معظم حياته والثروة للبناء في الكاتدرائية. استغرق بناء الجوقة من 1163 حتى عام 1177 ومذبحا عاليا جديدا في عام 1182 (كانت الممارسة العادية للطرف الشرقي لكنيسة جديدة لتكتمل أولاً، حيث أنه يمكن نصب جدار مؤقت في غرب الجوقة، مما يسمح لاستخدامه دون إنقطاع.

 

 


0 ردود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بحث




الحصول على آخر الأخبار تسليمها يوميا!

سنرسل إليك الأخبار العاجلة في صندوق البريد الوارد


© 2018 altaqarub, Inc. Privacy policy