ليس ثمة شك في أن هذه المدينة التاريخية العريقة والتي كانت فيما مضى عاصمة لروسيا تستهوي الكثير من الزائرين ممن يرغبون في التعرف عن كثب على لياليها البيضاء الغامضة وقنواتها المائية اللولبية المتعرجة، والتي كانت مصدر إلهام دائم للعمالقة في عالم الأدب من أمثال، فيودور دوستويفسكي، ونيكولاي جوجول.

بدأ تاريخ المدينة حين أسسها الامبراطور بطرس الأكبر وأطلق عليها إسم  القديس بطرس “سانت بيتر”، وأضاف إليه “برج” أى المدينة بالألمانية ليصبح الاسم سانت بطرسبرج، وذلك منذ أن اتخذ قرار بإنشاء عاصمة جديدة حديثة لروسيا عام 1703، أى فى مطلع القرن الثامن عشر.

تغيرت أسماء المدينة بتغير محطاتها السياسية، فمن «سانت بطرسبرج» نسبةً إلى القديس بطرس أحد حواري السيد المسيح، بعد الحرب العالمية الأولى إلى «بتروجراد» من اسم مؤسسها بطرس الأول،

وبعد وفاة “لينين” الذي أطلق منها ثورته عام 1917، تغير اسم المدينة لتصبح لينينجراد في عام 1924، وفي عام 1991، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، استردت سانت بطرسبرج اسمها التاريخي في استفتاء شعبي.

مدينة سانت بطرسبرج، هى ثاني أكبر مدينة في روسيا بعد عاصمتها موسكو، تبعد عنها بحوالى 700 كيلوا متر فى اتجاه الشمال الغربى من روسيا، وتحديداً في دلتا نهر “نيفا” الذي يقع في الجهة الشرقية من خليج فنلندا في مياه بحر البلطيق، حيث يوجد أهم وأكبر ميناء بحرى لروسيا.

وعلى غرار فينيسيا أو البندقية، تتألّف سانت بطرسبرج، من مجموعة جزر صغيرة تتّصل ببعضها البعض بواسطة القنوات، وتشكّل مشهداً ساحراً جنباً إلى جنب مع هندستها المعمارية البديعة وتاريخها الحافل.

سانت بطرسبرج هي مدينة القياصرة الروس، وتتفاخر هذه المدينة بأنها العاصمة الثقافية للبلاد، بمتاحفها المذهلة التي يفوق عددهم الـ 200 متحف، وقصورها الفخمة، وأنهارها الخلابة، وقنواتها الساحرة، وهندستها المعمارية الرائعة والحياة الثقافية المفعمة بالحيوية، وهذا ليس كل شيء، اذ تحتفل هذه المدينة بالتجربة التي يطول انتظارها كل عام، ألا وهي “الليالي البيضاء”، وهي عبارة عن حوالى 80 ليلة تمتد من منتصف مايو إلى منتصف يوليو، لا تغرب فيها الشمس ولا يحل بها الظلام وهى ظاهرة طبيعية تحدث فى شمال الكرة الارضية، وفى ذلك الوقت يتوافد على المدينة عدد كبير من الزوار والسياح لما تقدمه من عروض وأنشطة ثقافية مثيرة للعائلات، فضلا عن مهرجان “الليالي البيضاء” الأسطوري، والطعام الفاخر، والتاريخ الغني والكثير من المرح.

فى مدينة سانت بطرسبرج العديد من الأماكن السياحية والقصور الفخمة والكنائس التاريخية، وعلى سبيل المثال “القصر الشتوى” قصر الحكم أيام الامبراطورية الروسية.

والذى تحول إلى متحف “هيرميتاج” أو “ارميتاج” وهو واحداً من أشهر المتاحف العالمية، حيث يحتوي على 6 مبانٍ، يحتوي كل منها على قسم، ويصل عدد المعروضات الموجودة به إلى 3 ملايين قطعة أثرية ولوحات فنية نادرة، مؤلف من ثلاثة طوابق باللونين الابيض والأخضر، به 1786 بابا و 1945 نافذة كما يضم 1057 من القاعات والغرف الفخمة ذات الديكورات الأنيقة التي يفتح العديد منها للزيارة، ويقال أنه لو مررت على قطعة وتوقفت لمدة دقيقة واحدة فسوف تحتاج إلى سنة كاملة لكي تري كل القطع.

وأيضا قصر “كاثرين” من القصور المشهورة والتي تعتبر من أهم عناصر جذب السياح إلى مدينة سانت بطرسبرج، الواقع جنوب المدينة، والذي بُني في عهدي الإمبراطورة إليزابيث، والإمبراطورة كاثرين الثانية، ليكون مقر لإقامة القياصرة خلال فترة الصيف.

هذا بالاضافة إلى كنيسة المخلص بالدم والتى بُنيت على الطّريقة الرّوسية على الفور حيثُ اغتيل الإمبراطور ألكسندر الثاني في مارس 1881، تمَّ تصميمُها على الطِّراز الرُّوسي، وهى تشبه كاتدرائية القديس فاسيلى في السّاحة الحمراء في موسكو، وتحتوي على القباب المتعدّدة الألوان، كما أنَّها مغطَّاة من الدَّاخل بمربعاتٍ كثيرة جدَّاً من الفسيفساء التي تُمثِّل موضوعاتٍ دينيَّة يصل عددها إلى 7000 مربع.

أيضاً كاتدرائية القديس إسحق: تعتبر هذه الكاتدرائية الأكبر في مدينة سانت بطرسبرج، وهي تحفة فنية بحد ذاتها لما تحتويه من أعمدة رخامية نادرة خاصة بالإضافة إلى الأيقونات البيزنطية القديمة، وترتفع قبتها الذهبية إلى 100 م فوق سطح الارض، ويراها القادمين من خليج فلنده ويزورها سنويا 700000 سائح.

شاهد الجواهر المعمارية الخلابة مثل قصر الشتاء وكاتدرائية كازان، واترك لنفسك متسعًا من الوقت للتجول في متحف الهيرميتاج لمشاهدة مجموعة من المعروضات الفنية التي تحظى بشهرة عالمية.

ومن خلال التجول في دلتا نهر نيفا، فإن مدينة سانت بطرسبرج توفر الاستمتاع بفنون كافية وأنشطة ترفيهية ليلية ومطاعم فاخرة ووجهات ثقافية للعديد من الوجهات التي تحظى بزيارات متكررة.