القاهـــــرة .. مدينة الألف روح
الروائي فتحي سليمان
تٌغيّر الشجرة كل عام لٌحّائهــــا..ومع ذلك تظل شجرة ويظل تموضعها شاهداً علي المكان.. يقف المحبين في ظل أوراقها ويحفرون قلباً يخترقه سهم..وتظل الحروف الأولي من أسمائهم تنعم بذكري وناقوس يدق في عالم النسيان.
تلك الندبات التي تركوها علي جسد الشجرة..لا تعنيها من قريب أو بعيد..السعادة، كل السعادة هي رؤية ظلها الأخضر يأخذ حيزاً في صور الأبيض والأسود.
بعض البشر ممن يمتلكون يداً عُليا..يشبهون الشجرة..ظلاً وعطاء وتموضع..تدور الأحداث حولهم كدوامات الماء التي أحدثتها رمية حجر..دوامات جعلت راقص المولوّية يُكمل نصف القوس من ألوان قزح ليمنح قدراً من البهجة لدوامة الحياة.
في رواية ”القاهرة 104“ تتولي هذه المهمة درويشة! فقدت علي مر السنين عديد من لحائها .. الإستقرار العائلي .. التعليم الحب. ومع ذلك ظلت تقوم بدورها كشجرة.
مهمة لا يقدر عليها كثير من البشر .. مهمة من يمتلكون القناعة والرضّي .. ومعايير روحية تختلف كثيراً عن معطيات الحياة الأرضية. معايير تضمن ركوب الطوف الناجي.
الدرويشة هزّت إليها بجذع الشجرة، فتساقطت إجابات كانت أكثر غموضاً من الأسئلة!
إذا كانت الروح من أمر ربها .. فلماذا تخشي الروح .. الرب؟
إذا كان الخروج من الجنة .. أمراً حتمياً .. فلماذا الخوف من .. الحب؟
وإذا كانت الحياة ظرفاً زمانيــاً .. فلماذا السؤال عن محاولة قتل .. الأب؟
جدل فلسفي طرحته “ضحي عاصي” علي لسان صاحبة صُوّان العزاء .. الشجرة التي أجتمع حولها كل من تاهوا في دروب الحياة.
شجرة عاشت أكثر من عــٌمر وتناسخت من قبل في عدة حيوات.
درويشة .. جعلت كل من أستظل بظلها يوماً ما .. يقف في مدخل الصٌوان يستقبل المعزين ويـٌنعي حاله .. قبل أن يقفز داخل دوائر الدوامة ويرقص مستمتعاً بالحياة.