سوريا ومخطط التفتيت الإبراهيمي بقلم د هبه جمال الدين رئس قسم الدراسات المستقبلية بمحقق التخطيط القومي
مع سقوط حكم الرئيس السوري بشار الأسد وتولي نظام الرئيس السوري أحمد الشرع بدأت الأحداث بقوة بشكل دراماتيكي إن لم يكن راديكالي ولا أنوي التحدث بشأنه، ولكن ما أسطره يتعلق بمخطط التقسيم الإبراهيمي في سوريا الذي تقف إسرائيل والولايات المتحدة في مقدمة المشهد مطالبه به ودون تخوين أو دعم للنظام الحالي دعونا نلملم الخطوط والنقاط لرسم المشهد.
– أحمد الشرع والنظام الحالي: تدور حوله الأراء ما بين داعم ورافض بين القوة واللين، ولكن فلنترك الموقف منه الآن وننظر للوطن السوري ، فالشرع هو رمز إسلامي والغريب كان دعم الأمريكي له والإسرائيلي منذ بداية حكمه حتي أن نتنياهو طالب الدول العربية بالتعامل معه وقبوله خاصة أنه لم يتخذ موقفا رافض للاحتلال الصهيوني للأراضي السورية. والآن تقف إسرائيل وامريكا ضده مطالبة بدعم الطوائف فلماذا هذا التخبط في المشهد؟ الأمر ليس متخبطا فصعود قوي إسلامية في سوريا لسدة الحكم في مصلحة إسرائيل خاصة أنها دولة الان في مرحلة مهترئة تماما بعد هروب الأسد وضرب الجيش السوري وغياب أدني مبادئ المؤسسية من تسليم وتسلم ودخلت في مرحلة تصفيه حسابات مع أنصار النظام القديم، ولها خلفية مسلحة مصنفة علي قوائم الإرهاب ومن ثم تخيف الأكراد والدروز والازيديين فوجودها فرصة لإثارة النعرات والطوائف وملف الأقليات ومن ثم التقسيم. والأخطر المسحة الإسلامية لإظهار الإسلام بالدموي القاتل الذي لا يفهم أي صورة من صور المدنية فسلاح القتل غير الرحيم هو أداته ومن ثم فإسرائيل ليست وحدها الدموية فلنقبلها بعد ذلك عبر أعوان الأخوة الإنسانية والإبراهيمية الداعمة ولنتعايش بسلام مع كل الأديان الإبراهيمية تمهيدا للحديث عن المشترك وتنحية المختلف عليه وبناء الهوية الإبراهيمية لتقبل بعد ذلك بحكم إسرائيل لكل الدول العربية وإيران بعد تفتيتها لا سمح الله عبر إثارة الفزاعة والنعرات والملل والنحل. – الشرعية بدخول الجامعة العربية: مع بداية تولي الشرع بعد سقوط نظام الأسد لم تقبل العديد من الدول العربية وجوده أو دوره رغم الدعم الأمريكي والإسرائيلي لرئيس غير منتخب ولم نسمع مطالبات دولية بعقد انتخابات ولكن بعد فترة توالت الوفود العربية علي سوريا لمقابلة الشرع ثم أخيرا دعوته للقمة العربية كرئيس لسوريا مما أكسبه الشرعية العربية بالعمل والبقاء وسرعان ما اشتعلت أحداث الساحل السوري ليظهر أمام العالم أن هذا النظام السوري المدعوم عربيا يقتل شعبه ويروعه وسرعان ما تقف اسرائيل ضده هي وأمريكا وتعلن صراحة عن نيتها ضم دمشق حتي تتمكن من الوصول للفرات. هنا عبء حماية الطوائف في مقدمتها العلويين يقع علي كاهل الرئيس السوري ذاته فليس كلها متمردين أو حاملي سلاح ومن يخالف النظام لا يقتل وأنما إنفاذ القانون هو الملجأ عبر محاكمته بالأدلة والبراهين لحماية الوحدة السورية من النفاذ الخارجي ضدها. – الدروز : تتعالي الأصوات الإسرائيلية المطالبة بحقهم في الانفصال أو علي الأقل في إقامة فيدرالية سوريا تمهيدا للتفتيت والأنفصال . ودون تخوين للأهل من دروز سوريا ولكن المخطط الصهيوني كان واضحا منذ قانون القومية الإسرائيلي الذي أكد يهودية الكيان ورفض تميز الدروز بإسرائيل رغم خدمتهم بالجيش الصهيوني وتقديمهم كل فروض الولاء للكيان ولكن كانت إسرائيل تعدهم لمخطط أهم دولة درزية من جبل العرب للسويداء كما جاء من قبل في تقارير بعض المراكز البحثية الامريكية كمعهد واشنطن للدراسات عام ٢٠١٩ . فما يحدث الان هو استغلال الصهيونية للمشهد السوري لتفتيت سوريا رغم رفض الدروز السوريين المخطط الصهيوني ولكن الصوت الأعلي إعلاميا في يد الآلة الصهيونية. – الأكراد : هم الأكثر تسليحا في سوريا ومروا بحروب طويلة مع الجماعات الإرهابية المسلحة ذات المسحة الدينية والتي يأتي منها الرئيس الجديد بنظامه ومن ثم فقبول البقاء تحت حكمه لن يصبح خيارهم المفضل في ظل اعداد عبد الله أوجلان لمخطط ابراهيمي في شمال شرق سوريا منذ فترة طويلة تم الإفصاح عنه عام ٢٠١٩ بتقرير عن الابراهيمية في المنطقة التي يحلم خلالها أوجلان لإقامة مشروع فيدرالي إبراهيمي في سوريا بالمنطقة الكردية ليعلن موت الدولة القومية السورية تمهيدا لتوسعه حال انتشاره ليشمل الشرق الأوسط وشمال افريقيا ثم أفريقيا صاحية الموارد فالكل لديه مشروعه التوسعي ولكن الجديد الدعم التركي له. وبالطبع الإسرائيلي ولكن علي الجميع الأنتباه فالأكراد عليهم العودة للعباءة السورية فلن تسمح لهم اسرائيل في تحقيق الحلم ولكن سيصبحون خنجر في جسد الوطن العربي وخنجر يقتلهم في الوقت ذاته فلن تقبل اسرائيل بقوة في المنطقة مناوئة او تتسم بالقوة والنفوذ فالكل مطلوب تركيعه كعبد ذليل هكذا تؤمن الصهيونية. – الفيدرالية السورية : أصبحت مطلب تردده قنوات عربية فضائية لكنه لن يقف عند حدود الفيدرالية فإسرائيل وامريكا كما طرحت المراكز البحثية مثل American enterprise institute بتحقيق سايكس بيكو جديد يكون لإسرائيل فيه الغلبة وتحقيق سيادة النموذج الأمريكي الفيدرالي لتقف عجلة التاريخ كما حلم فرانسيس فوكوياما في كتاب نهاية التاريخ. فالمخطط سيقوم علي تحويل دول مركزية لدول فيدرالية ثم كونفيدرالية ثم تفتيتها خطوة خطوة مع عام ٢٠٢٧. فلا تأمنوا الفيدرالية. – المطلوب: حماية الأقليات في مقدمتها العلويين، وتفعيل حكم القانون ، واستمالة الأكراد ودعم الدروز تحت سقف الدولة القومية السورية. والتوجه ضد الاحتلال الصهيوني ليخرج من سوريا فلا يصح وجوده ولتتحول حالة الاحتراب الداخلي للهبة ضد العدو الصهيوني الذي يدعم ملف التفتيت ويقود المخطط الابراهيمي ضد الدولة القومية السورية. فالعدو واحد ولهذا ضرب الجيش السوري كي لا يمكن محاربته ، فلم يكسب الكيان الصهيوني حرب غزة ولا لبنان مع حزب الله وهي ميليشيات مسلحة ليست جيش نظامي فما بالنا بحرب نظامية ستكبده خسائر جمة. اذا وجب استدعاء الشرع لكل عناصر الجيش والشرطة والمخابرات واعادة مأسسة الأجهزة الأمنية وكذا اقامة دستور للدولة يستند علي عقد اجتماعي مع كل القوي والطوائف السورية دون تخوين وأنما عبر الاحتواء والدعم . ولنعلم جميعا أن الوحدة لن تتأتي بالتقارب مع اسرائيل صاحبة المطامع الصهيونية من النيل للفرات أو تركيا صاحبة الحلم العثماني أو إيران صاحبة رواية المد الشيعي وتصدير الثورة وأنما الوحدة بين صفوف الشعب الواحد صفا واحد كالبنيان المرصوص. وأخيرا الوحدة السورية هي المناص وهي المطلب العربي الاسلامي ، فما سيحدث في سوريا سيحدث تباعا في كل الدول العربية المخطط واحد وسيمتد ككرة الثلج ، حمي الله مصر رئيسا وجيشا وشعبا حني لله سوريا والدول العربية والإسلامية.