للمرة الأولي في روسيا تحتفل جامعة الدول العربية بالإشتراك مع مجلس السفراء العرب بفعالية “المغترب العربي”، التي تهدف إلي تعزيز أواصر التعاون والصلات بين المغتربين العرب ولتكريم شخصيات كانت لها بصمة في التواصل والتقارب العربي بدول المهجر.

في هذا العام، تم إختيار روسيا لإقامة الفاعلية بهذا اليوم، حيث تختار جامعة الدول العربية كل عام في شهر ديسمبر واحدة من بلدان الإغتراب للإحتفال به.

كانت بداية الحفل بمقدمة تبين مدي قوة العلاقات العربية الروسية علي مر التاريخ، وجاء بها مقولة الشاعر العظيم “الكسندر بوشكين”: “المترجمين هم العربة التي تجر قطار التواصل بين الحضارات”، ولهذا تم ذكر بعض الأسماء التي ساهمت في التواصل الحضاري، كالشيخ “محمد عياد الطنطاوي” القادم من قرية نجريد في محافظة طنطا المصرية عام 1840، الذي كلفه الوالي “محمد علي باشا” بتدريس اللغة العربية في روسيا القيصرية إستجابة لطلب قدمته وزارة الخارجية الروسية في ذلك الحين. والأستاذة الفلسطينية “كلثوم عودة فاسيليفا”.

بعد هذين الرمزين اللذين رسما ملامح الوجود العربي الأول في روسيا، ظهر عديدون تركوا بصمات لا تمحى. وإذا كان الأوائل تميزوا بنقل اللغة والثقافة العربية الى روسيا، فإن التابعين جاؤوا ليقوموا بعملية عكسية، اذ نقلوا روائع اللغة والثقافة الروسية الى المتلقي العربي، أو تأثروا بوجودهم في هذا البلد مما طبع إبداعهم ببصمات روسية.

بينهم مبدعون لا تغيب ذكراهم في التاريخ  العربي مثل “غائب طعمة فرمان” و”عبد الرحمن الخميسي” و”معين بسيسيو” و”نجيب سرور” وكثيرون غيرهم، وصولاً إلى المترجمين الحاضرين دوما في ذاكرة الأجيال العربية التي قرأت الإبداعات الروسية مثل “أبو بكر يوسف” و”جلال الماشطة” و”عبد الله حبه” ومترجمون أخرون نقلوا روائع الأدب الروسي الكلاسيكي  الى العالم العربي.

ثم جاءت كلمة سيادة السفير “جابر حبيب جابر”، رئيس بعثة الدول العربية ومن بعده كلمة عميد السلك الدبلوماسي العربي السفير “عبدالقادر لشهب”، تحدثا عن أهمية الدور الذي يقوم به المغترب العربي في بلاد المهجر وأهمية دراسة وبحث القضايا التي تهم المغتربين، ووضع إستراتيجية هادفة لتحقيق مصالحهم، والعمل على مواجهة الإتهامات التي تروجها بعض الدوائر المغرضة ضد العرب وثقافتهم وتراثهم العريق.

ثم ألقي الدكتور “سمير أبوصالح” نائب رئيس “البيت العربي” كلمة أشار خلالها إلي الدور الذي تلعبة جامعة الدول العربية عبر بعثتها في موسكو، من أجل تطوير العمل العربي المشترك وإيجاد أليات لدعم نشاطات أبناء الجاليات العربية في روسيا. كما أشيد بالدور المهم الذي يلعبه منذ سنوات طويلة مجلس السفراء العرب في روسيا على صعيد دفع هذه الجهود وتطوير العلاقات العربية الروسية في مختلف المجالات.

ولم تخل الفاعلية من الفقرات الفنية التي قدمتها مجموعات وفرق عربية وروسية، وكانت أهم هذه الفقرات هي التي قام بها الطلاب الروس من المدارس والجامعات، ما يؤكد مدي تواجد اللغة العربية وأهميتها بروسيا وحرص الكثير علي تعلمها، مما يدعونا جميعاً علي العمل لدعمها ونشرها في كل المدارس والجامعات.

خلال الحفل قام سيادة السفير “جابر حبيب جابر”، رئيس بعثة الدول العربية، وعميد السلك الدبلوماسي العربي السفير “عبدالقادر لشهب” بتكريم أربع شخصيات وهم:

– الدكتور “زياد سبسبي” أول عربي يعين في مجلس الفيدرالية (الشيوخ) الروسي ممثلا عن جمهورية الشيشان. ما عكس قدرة وأهمية الإندماج العربي في المجتمع الروسي. حائز على عدد من الأوسمة والتقديرات الروسية بينها وسام الصداقة من رئيس روسيا الإتحادية ووسام الإستحقاق لجمهورية الشيشان ووسام قاديروف من الدرجة الأولى.

– السفير “رامي الشاعر” تولى أعمال السفارة الفلسطينية حتى عام 1986، وإنتقل بعد ذلك الى الأعمال. وبرز كرجل أعمال ناجح في السنوات اللاحقة متابعا  نشاطه الدبلوماسي والسياسي. ولعب أدوارا مهمة في التقارب الروسي الفلسطيني، والروسي العربي عموما.  وألف عددا من الكتب. حائز على درجة علمية بروفيسور. نال العديد من الجوائز والأوسمة الروسية.

– السيد “جورج شعبان”. رجل أعمال، الممثل الشخصي لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى روسيا الاتحادية. لعب أدوارا مهمة في تعزيز التعاون الروسي العربي في المجالات الإقتصادية والتجارية، وأسهم في إنجاح العديد من الإتصالات والفعاليات على صعيد توسيع التعاون في المجالات المختلفة. منحه الرئيس “فلاديمير بوتين” وسام الصداقة.

– الدكتور “أبو بكر يوسف”. شيخ المترجمين العرب. أبرز ناقلي الأدب الروسي الكلاسيكي إلى القارئ العربي. حائز على الكثير من الجوائز والأوسمة الروسية بينها وسام بوشكين.