تولستوي..أحد عمالقة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر
يعد الأدب الروسي هو الأكثر تأثيراً على نفوس القراء في بلدانٍ عدة، نظراً لما يحتويه من تقلّبات في سرد القصص أو الروايات أو الأشعار، التي تأثرت بالوضع الاجتماعي في روسيا القديمة، والحديثة أيضاً. فظهرت أعظم الأعمال الشعرية، والنثرية، والمسرحية في القرن الثامن والتاسع عشر الميلادي، “ليف نيكولاييفيتش تولستوي” أحد عمالقة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر، وأفضل الروائيين على الإطلاق، وكما يعتبره البعض داعي السلام، ومفكر أخلاقي، ومُصلح اجتماعي، وفيلسوف اعتنق فكرة المقاومة السلمية النابذة للعنف.
احترم تولستوي الثقافة العربية بكافة أنواعها، فعَرِف منذ صغره بحكايات “علاء الدين والفانوس السحري” و”ألف ليلة وليلة” و”علي بابا و الأربعين حرامي”، و”قمر الزمان بين الملك شهرمان”، و يَذكُر أن تلك الحكايات تركت في نفسه أثراً قبل أن يبلغ الرابعة عشر من عمره ويظهر تأثير الحكايات العربية في رواية “لحن كريستر” التي ألفها.
وُلد في 9 من سبتمبر عام 1828، في مقاطعة تولا، 200 كيلومترا جنوب مدينة موسكو فى منطقة تسمى ياسنايا بوليانا، من عائلة روسية نبيلة، ووالدته الأميرة “ماريا فولكونسكي”، من سلالة روريك، أول حاكم ورد اسمه في التاريخ الروسي.
درس في المرحلة الجامعية في جامعة كازان قسم اللغات الشرقية “العربية والتركية” حيث كان يود أن يُصبح دبلوماسياً في المنطقة العربية، وأن يتعرف بشكلٍ أوسع على الأدب الشرقي، لكن شاءت الأقدار أن يتوقف عن ذلك، حين رسب في امتحان السنة الأولى، فاتجه لدراسة القانون، لكنه ترك الدراسة نهائياً في العام 1847، وبعد مرور عشر سنوات، فى عام 1857، زار سويسرا، ثم ذهب إلى ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وكان مهتماً بإقامة المدارس، كما كان مَعنياً بتعليم من فاتته فرصة التعلم في الصغر.
له العديد من المؤلفات التي أثرت على الأدب العالمي كافة، أشهرها رواية “الحرب والسلام” التي تتناول مراحل الحياة المختلفة، وتصف الحوادث السياسية، والعسكرية التي حدثت في أوروبا بين فترتي “1805- 1820″، بالإضافة لغزو نابليون لروسيا في العام 1812.
من أشهر مؤلفاته أيضا كتاب “آنا كارينينا” الذي تناول فيه سُبل علاج القضايا الاجتماعية، والأخلاقية، والفلسفية في شخصية “آنا كارينينا”، التي تجسدت فيها قصة مأساة غرامية والتى تحولت فيما بعد إلى فيلم “نهر الحب” (1960) بواسطة المخرج عزالدين ذوالفقار وأرقى ثنائى عرفه تاريخ السنيما المصرية، وهما سيدة الشاشة العربية “فاتن حمامه” وساحر السنيما المصرية النجم “عمر الشريف”
بالإضافة لكتابه “مملكة الرب بداخلك”، الذي أثّر على مشاهير القرن العشرين، منهم “المهاتما غاندي”، “مارتن لوثر كينج”، في المقاومة السلمية النابذة للعنف. وكتابه بعنوان “حِكَم النّبي مُحمد”( ص)، الذي دافع فيه عن الدين الإسلامي، إثر موجة التزوير والتلفيق التي طالته على يد مجموعة من المبشرين في كازان، أيضاً رواية “موت إيفان إيليتش”.
كان يعيش ويعمل في منزله الصيفى الذى ولد فيه فى منطقة ياسنايا بوليانا، و كان يستيقظ في الساعة 7:00 صباحا، ويبدأ يومه بتمارين بدنية، ثم يتمشى في الحديقة، قبل البدء في كتاباته، وخلال موسم الحصاد كان يعمل في كثير من الأحيان في الحقول مع الفلاحين، مما جعل كتاباته عن حياة الفلاحين أكثر واقعية.
توفي في 20 من نوفمبر عام 1910، عن عمر يناهز 82 عاماً، في قرية استابو، وفي محطة قطار، حين هرب من بيته، ومن حياة الترف التي كان يعيشها، حيث أُصيب بالتهاب رئوي أثناء طريق سيره.
وكان معارضاً للكنيسة الأرثوذكسية، بسبب أنه كان يراها غير متعاطفة مع الفقراء والضعفاء، وتقف ضدهم مع القياصرة، فرفض أن يُدفن وفق طقوسها، لذا تم دفنه في حديقة “ياسنايا بوليانا”على بعد 12 كيلومترا جنوب غرب تولا، بجوار منزل عائلته، وهو المكان الذى كان محبباً الى قلبه والذى تحول لاحقاً إلى “متحف تولستوي” والذى يحتوى على مقتنيات شخصية ومنقولات، فضلا عن مكتبته التي تحتوي علي 22،000 من المجلدات. وحديقة، حيث يقع قبر تولستوي غير المزخرف.
ماريا إفانوفا – موسكو