كورونا – ليس الفيروس أو المرض الأخير
حذر مجموعة من العلماء من إمكانية تفشي فيروسات جديدة بسبب التعامل مع الحيوانات البرية، مثلما حدث مع فيروس كورونا، حيث يرى العلماء ضرورة التخلي عن تجارة الحيوانات البرية، التي تسهم في انتشار الأمراض وانقراض بعض الأنواع.
وبدأ تفشي عدوى فيروس كورونا في سوق المأكولات البحرية الصينية في ووهان، السوق الذي لا يقتصر على بيع الأسماك وحسب، ولكن يستخدم في تجارة الثعابين والغزلان وغيرها من الحيوانات البرية.
العلماء منذ عدة عقود يولون اهتمامًا لبعض الأمراض التي انتقلت للبشر من الحيوانات، بما في ذلك متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (سارس)، ومتلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط (ميرس)، كما تم نقل فيروس إيبولا ونيبا إلى البشر من الحيوانات أيضًا. ويرى العلماء أن المشكلة لا تكمن في الحيوانات، وبينما في طريقة البشر في التعامل معها، حيث تزداد الأوبئة وتتوالى بسبب التصرف بطريقة خطرة.
وفي هذا السياق، قالت إليزابيث ماروما مريمي، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (CBD) ، أنه من الضروري حظر أسواق الحيوانات البرية في جميع أنحاء العالم. وصرّحت مريمي: “من الضروري حظر أسواق الحيوانات البرية، فهذا لن يساعد فقط في منع انتشار المرض، ولكن أيضًا يحل أحد الأسباب الرئيسية لانقراض الأنواع”.
وأشارت مريمي إلى قيام الصين بفرض حظر مؤقت على تربية الحيوانات البرية وتناولها، حيث تم إغلاق آلاف المزارع التي تم فيها تربية النيص والأعشاب والسلاحف، بينما لا يزال بيع الحيوانات البرية مسموحًا به للاحتياجات الطبية والبحث العلمي، واقتناء الحيوانات الأليفة.
ويخشى النشطاء من أن مثل هذه الاستثناءات للقانون ستمهد الطريق للتجارة غير المشروعة في اللحوم البرية، كما حدث هذا في الماضي مع النمور.
ولا يعد فيروس كورونا الوباء الأول الذي يلفت الانتباه الخاص لتجارة الحيوانات البرية، ففي 2002 تفشى مرض “سارس” مما أسفر عن مقتل أكثر من 700 شخص، ويُعتقد أن الخفافيش كانت السبب في انتشاره.
واستطردت مريمي مؤكدة أن العملية يجب أن تكون تدريجية، حيث قالت: “بالنسبة للأشخاص الذين يتعاملون مع الحيوانات، إما عن طريق تربيتها في المزارع أو عن طريق تربيتها في الطبيعة، فهذا مصدر مهم للدخل، سيكون من الخطأ تجريم أنشطتهم بين عشية وضحاها”. وأضافت مريمي: “بعض السكان الذين يعيشون في مناطق فقيرة في إفريقيا، يعتمدون تمامًا على تجارة الحياة البرية، وإذا لم يتم العثور على حل بديل فقد يكون هناك خطر من الاتجار غير المشروع بالحياة البرية، وحتى في المحميات الطبيعية لا تزال الغابات في مكانها ولكن لا توجد حيوانات برية فيها لأنها تم بيعها في الأسواق”. وأردفت مريمي قائلة: “من السهل إلقاء اللوم على شخص ما أو بلد بعينها، ولكن هذا لا يحدث في الصين فقط بل يحدث في العديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك الدول الغربية، نحب أن يكون لدينا حيوانات أليفة غريبة وكثير منهم يولدون في الطبيعة”. وفي سياق متصل، صرّح أندرو كانينجهام، نائب المدير العلمي لجمعية علم الحيوان في لندن، أنه من الضروري الانتباه إلى الأسباب من أجل منع حدوث جائحة أخرى في المستقبل، وليس فقط الاهتمام بالتأثير الناجم عنها.
وأشار كانينجهام إلى أن “الأسواق الرطبة” الشائعة في دول جنوب شرق آسيا تعد قنابل موقوتة قد تؤدي لتفشي العديد من الأوبئة في المستقبل، حيث يتم فيها بيع الأسماك والدجاج والحيوانات البرية، وكذلك الفواكه والخضروات، وتم تسميتها بذلك الاسم من ذوبان الثلوج، التي تستخدم للحفاظ على نضارة البضائع، وكذلك لتنظيف الأرضية من دم الحيوانات النافقة.
وفي بعض البلدان الآسيوية، يرتبط تناول اللحوم النادرة بالمكانة العالية والثروة، كما تزدهر تجارة الحيوانات البرية بفضل استخدامها في الغذاء والدواء، وغالبًا ما يتم الحصول على تلك الحيوانات بشكل غير قانوني مما يؤدي إلى ظهور بؤر الأمراض وإمكانية الإصابة بالفيروسات.
وأضاف كانينجهام: “الطريقة التي نتعامل بها مع الحيوانات كما لو كانت نوعًا من السلع التي يمكن نهبها، تتسبب في نهاية المطاف إلى وقوع الضرر علينا”.