هل ماتت المقاومة ؟ أم انتهت باستشهاد السنوار ؟
هل انتهت المقاومة ؟ أم ماتت باستشهاد السنوار ؟
بقلم
أ.د هبة جمال الدين، رئيس قسم الدراسات المستقبلية – بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية
سؤال يتردد منذ استشهاد نصر الله ثم السنوار ومن قبلهم هنية، أقرب للاتجاه العالمي Mega Trend ذاع وانتشر بقوة جارفة عبر القارات بوسائل الإعلام المختلفة، وأخذ الجميع يردد ما يشاء من أهواء ورغبات وميول فمن كان معارضا بدأ يثبط من الهمم، ومن كان مؤيدا لإسرائيل ووحشيتها يؤكد موت المقاومة كليا، ومن هو من انصار الشيخ والسنوار ينفي ويشجب ويتوعد، وهناك فريق أخر ليس له انتماء ايديولوجي يؤكد أمرأ أخر بأن المقاومة باقية كحقيقة إنسانية طالما استمر القهر والظلم.
وسأنتصر أنا للفريق الأخير فالمقاومة أو الكفاح التحرري، لا ترتبط بشخص أيا القائدين الشهيدين، فهى حق إنساني طبيعي تكفله كل المواثيق والأعراف كرد فعل مناهض للوجود الاستعماري والغطرسة والاستعلاء فهل سيتوقف الاستعلاء باستشهاد الشيخ نصر الله والقائد يحي السنوار؟ سؤال إجابته واضحة بل أن شهادة الشيخ والسنوار يعقبها حقبة جديدة من الهيمنة والغطرسة والاستعمار.
فيحدثنا التاريخ أن المقاومة حق مرتبط ببقاء المستعمر والمحتل والطاغية. فالسؤال الأكثر صحة هو هل تغيرت إسرائيل لتتوقف المقاومة؟ هل تخلت عن الإبادة والعنف والقتل؟ هل تحولت إلى قوة سلام تستهدف البقاء في هدوء؟ هل انتهت موجة التطرف الفكري والعنف بإسرائيل؟ هل لم يعد القتل والعنف وسفك الدماء أمر مقدس من الوجهة الصهيونية المتطرفة؟ هل اختفت الحركات اليمينة المتطرفة عن حكم إسرائيل وحل مكانها حركات السلام؟ هل لم تعد إسرائيل تؤمن بالاستعلاء الصهيوني والدونية العربية وانحطاط الأغيار؟
كل هذه التساؤلات ولم أتحدث عن الحق الفلسطيني الذي ترغب إسرائيل في تهميشه وإخراجه من حسابات العملية السياسية. فعلي الطرف الاخر أن يسال ما أسباب سكون المقاومة، هل اختلف المستبد؟ هل تحسنت إسرائيل هل ستعطي المقهور حقه؟ هل غيرت مطامعها في الارض العربية ؟
المقاومة عبر التاريخ لا ترتبط بشخص أو بنشأة سياسية أو دينية أو عسكرية، وإنما قد تحدث نتيجة تحول بسبب سياسات المستبد الطاغية. المتمثلة في الصهيونية بإسرائيل والصهيونية المسيحية بالولايات المتحدة الأمريكية. ونحن على مشارف انتخابات أمريكية فعلى من سيشغل البيت الأبيض عليه أن يغير النظرة الاستعلائية والفكرة المغلوطة بأن سياسات التصفية والاغتيالات هي الحل السحري للتخلص من المقاومة . فيجب ألا يعتقد أن اختفاء شخصيات بعينها سيكفل القضاء عليها، وإنما توقف المقاومة يحتاج لسياسة أمريكية وسطية أكثر عقلا سياسة تؤمن بحقوق الإنسان التي تتشدق بها وتستخدمها ضدنا كسلاح ذو حدين، عليها أن تتبني سياسة تعلي من قيم الديموقراطية والحق والعدل. سياسة لا تهدف إلى هرمجدون والانجراف نحو الهاوية.
علينا القول إن الولايات المتحدة وقبلها بريطانيا ومعسكر قوي الاستعمار بالعالم هم محرك الموت والقتل والعنف بالعالم. تلك القوى الغربية استمرار سياستها الدموية والاستعمارية والمتطرفة هي المحرك والمغذي والملهم لكل حركات المقاومة بالعالم ككل.
فالكفاح التحرري أو المقاومة هو رد فعل مناهض للوجود الاستعماري بطرق ووسائل مختلفة، كما أنها شكل من أشكال المقاومة السلمية والرفض المنظم التي تقوم بها جماعات بشرية أو شعب من الشعوب، وهي حق إنساني طبيعي تكفله المواثيق والقوانين الدولية يهدف إلى استعادة السيادة بجميع مضامينه.
وهي بحكم الطبيعة ركيزة أساسية في الجسد البشري بالفطرة فجسم الإنسان يميل إلى التحرر من الأضرار ففي فعل التقيؤ يأتي الجسم للتخلص من السموم الموجودة بالجهاز الهضمي ، والعطس يحدث للتخلص من الإفرازات المحملة بالميكروبات الضارة في الجهاز التنفسي. مثل تلك الأفعال البيولوجية لا تعد أفعال إرادية معبرة عن حرية صاحبها، بل هي أفعال منعكسة شرطية. تنشد للحرية من الضرر والقيد. فكل ضرر يتخلص منه الإنسان يحدث بمقاومته. فلن تموت المقاومة بموت شخص أو اغتيال آخر.
ولن يتسبب بث الرعب وصورة الصهيوني المدعوم أمريكيا لأخر قطرة في إيقاف الغضب وقمعه وإنما تغذيته وكمونه بالداخل ليأتي وقت انفجاره في وجه الطاغية.
ويجب أن تعي الولايات المتحدة وتابعتها إسرائيل أن السلام الإبراهيمي والأخوة الإنسانية المزعومة التي لم تنتفض للدم الفلسطيني واللبناني والعربي المراق؛ لن يكن لها دورا في كبح المقاومة أو غسيل الصورة الدموية للكيان الصهيوني المتطرف. ولن ينسي الضمير العالمي مدى وحشية الكيان.
وعلي أن أتسأل هل بعد كل الوحشية في قتل وذبح وحرق وإبادة وتشريد وتجويع وإخافة وتعذيب وغيرها من صور اللاإنسانية ظل الإسرائيلي بداخله مشاعر إنسانية يمكن الاحتكام إليها والسلام معها؟ أم نحتاج لجيل جديد بعد خمسون عاما على الأقل ليكون هذا الجيل الدموي قد قضي نحبه حتي يمكن عقد سلام مع بشر بداخلهم مشاعر إنسانية لم يتحولوا لوحوش ظهرت دمويتهم جليا أما الجميع والعيان.
فمع من يمكن أن تستكين المقاومة وتنظر بأريحية لإمكانية عقد سلام إذا افترضنا تخلي المستبد عن أطماعه، فمن يحارب هم شباب الكيان إناث وذكور، ومن يخطط هم كهول الكيان وخبراءه، ومن يمول هم الشركات الصهيونية التي يحكمها قادة متطرفين. فمع من يعتقد دعاة الأخوة اللاإنسانية يمكننا أن نستكين.
يخطئ الأمريكان إذ تصوروا أن القضاء علي المقاومة مرهوناً بتغير هوية أو قتل مقاوم فهي غريزة إنسانية، وسكونها مرهون بتغير الدموية الصهيونية الأمريكية الاستعمارية المدعومة من ترسانة الأسلحة بالعالم الذي يحكمه جماعة متطرفة تستميت بخطي سريعة نحو نهاية العالم.
فلم يكن المهتما غاندي مقاوما مسلحا، ولم يكن مسلما، ولم يكن عربيا، ولم يكن زعيم ميليشيات تدافع ضد المستعمر، ولكنه كان مناضلا محباً لبلده رافضاً للاستبداد والظلم والقهر.
وستستمر المقاومة طالما استمر القتل والعنف والظلم والاستبداد والطغيان الأمريكي الصهيوني بالعالم والمنطقة. ولن يستكين الجسد إلا بالتخلص من الضرر والنظر للحرية.
-
-
يا أرض العراق...هل من مزيد..؟سلاماً عليك حين كنت، وعندما تكون ويوم تُبعث حيا.. سلاماً على الشهداء والأمهات والنخيل الباسقات.. سلاماً على حرف العين والراء…
-
مصر والإرهاب..هل هي داعش؟أبدأ كمصري أولاً بعزاء كل إخواني، وجيراني، وأصدقائي الأقباط، في كل الشهداء، ضحية أي عمل مخرب أو إرهابي. ولكن من…