الطائرة الروسية المنكوبة والسياحة في مصر
كتب: مازن عباس
ثلاثة أعوام مرت علي حادثة الطائرة الروسية المنكوبة التي تحطمت في سيناء وسقطت بالقرب من العريش، علي اثر انفجار عبوة ناسفة يدوية الصنع كانت مزروعة داخلها، ما أسفر عن مصرع أكثر من مئتين وعشرين راكب، ورغم ان الكرملين في البداية لم يرجح سيناريو العمل الارهابي، وتمسك بضرورة انتظار نتائج التحقيقات، وفك شفرة الصندوق الاسود، وأعلن وزير النقل الروسي “ماكسيم ساكولوف” أن الجانب الروسي سيشارك بأكبر قدر من الفعالية في التحقيق الدولي حول أسباب الكارثة. لكن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وعقب محادثات هاتفية أجراها مع رئيس الحكومة البريطانية السابق اصدر قرار بوقف كافة الرحلات الشارتر والمنتظمة الي كل المطارات المصرية في مختلف المدن، وكلف بوتين كذلك الحكومة بتأمين عودة المواطنين الروس الموجودين في مصر. وارسلت موسكو طائرات لنقل السائحين الروس المتواجدين في المنتجعات المصرية آنذاك، والبالغ عددهم نحو 45 الف سائح، كان نصفهم في شرم الشيخ.
وقد شهدت اليوم عشرات المدن في روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا فعالية “شموع الذكرى”، تحية لذكري ضحايا الطائرة الروسية المنكوبة التي تحطمت في سيناء عام 2015. الصندوق الخيري “الرحلة 9268” الذي تاسس لدعم أهالي الضحايا دعا لإضاءة شمعة في ذكري كل الذين ظلوا في سماء سيناء إلى الأبد.
الرحلة رقم “9268” التي تعتبر أعنف حادث تحطم لطائرة من نوع إيرباص 321، لا يزال سبب تحطمها موضع تباين في وجهات النظر، وفيما حسمت موسكو امرها وعتبرت ان سقوط الطائرة نتيجة عمل ارهابي. وكان موقع “لو بوينت” الفرنسي قد نشر بان لجنة التحقيق قد تمكنت من قراءة محتويات الصندوق محاولةً لاكتشاف سبب تحطم الطائرة الروسية الذي أسفر عن مقتل 224 شخصًا. وبحسب أحد الخبراء الذي صرح للموقع، أن سبب تحطم الطائرة ليس خللًا فنيًا أو خطأ من الطيار ولكنه قنبلة زرعت في الطائرة.
لكن مصادر بوزارة الطيران اكدت إنه تبين من الفحص الأولي للطائرة وذيلها عدم تعرضها لعملية إرهابية، وإن الحادث طبيعي نتيجة عطل فني أصابها، واستبعدت مصادر سيادية في مصر شبهة العمل الارهابي في الحادث.
ورغم ان مدير هيئة الأمن الفدرالية الروسية “ألكسندر بورتنيكوف” كشف إنه بعد فحص حقائب ركاب الطائرة وكذلك أجزاء الطائرة تبين وجود آثار مواد متفجرة، واعتبر سبب تحطم الطائرة إلى انفجار عبوة ناسفة يدوية الصنع زرعت في الطائرة، وأعلن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أن تحطم الطائرة نتج عن عمل إرهابي. وتعهد بملاحقة المسؤولين عن الكارثة ومعاقبتهم. إلا أن السلطات المصرية تعتقد بأنه لا يوجد دليلا حتى الآن يثبت أنه “عملا إرهابياً” أسقط الطائرة الروسية فوق سيناء.
مصادر أمنية روسية نشرت تصريحات في وكالة نوفوستي منذ عام اعتبرت ان السلطات المصرية لن تنهي التحقيقات الخاصة باسباب سقوط وتحطم الطائرة الروسية، حتي لا تتحمل مسؤولية سداد التعويضات لاسر ضحايا الطائرة، وانها ستتمسك بأن سبب الكارثة هو خلل فني.
وعلي مدار ثلاث سنوات كان من أبرز نتائج القرار الروسي، توقف تدفق السائحين الروس الي المنتجعات المصرية، ما يعني انخفاض عائدات السياحة بنسبة تصل الي 35 في المائة.
المشكلة تكمن في أن القائمين علي قطاع السياحة في مصر لم يتمكنوا من إيجاد تفاهم مع الجانب الروسي الذي استغل قرار ايقاف الرحلات لتنشيط المنتجعات السياحية الروسية، ودعا الشركات المصرية للإستثمار والتعاون، لكن إحجام رجال الأعمال المصريين عن التعاون مع الجانب الروسي أفقد موسكو الاهتمام بالمنتجعات المصرية، وجعلها تتوجه الي أماكن اخري.
ويدرك الجانبان المصري والروسي انه لاتوجد منافسة بين منتجعات البلدين، حيث تعتمد مصر بالدرجة الاولي علي السياحة الشتوية بينما لا يمكن ان تنشط السياحة في المنتجعات الروسية إلا خلال شهور الصيف، لكن تقاعس الشركات المصرية- التي تعودت ان تعمل بإشراف الشركات التركية- عن الاستجابة للدعوة الروسية جعل الجانب الروسي يبحث عن شركاء أخرين يحقق لديهم أمن وأمان السائح الروسي، ويحقق أيضا المنفعة المتبادلة. اللافت أن السلطات المصرية حرصت علي ارضاء وكالة السياحة الفيدرالية الروسية في توفير إجراءات أمن خاصة للسائحين الروس سواء في المطارات أو المنتجعات، لكنها استخدمت في توفير المعدات والخبرات الشركات الغربية، ولم تحاول التعاون مع شركات روسية رغم العروض المتكررة من الجانب الروسي.
وبعد ثلاثة أعوام قررت موسكو العودة الي منتجعات مصر، واعلن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في مؤتمر صحفي عقده ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي في سوتشي، أن رحلات الشارتر بين مدن روسيا ومنتجعات شرم الشيخ والغردقة المصرية ستنطلق قريبا.