الروائي فتحي سليمان يكتب: أمصال صوفية تهطُل طوال العام
في البدء كانت الكلمة، زارها الرب ليلًا ونفخ في رحمها نــور .. فأنجبت حروف!
أمطرت السماء، فأعتمر الألف همزة، وشكلت العين من الطمي .. عود.
تمطئت الهاء في تنهيدة عشق، وقالت الكاف للتكوين .. كون.
السردُ إن تحلى بمُحسّن أبرز مفاتن السكون .. و”القرملاوي” في هذة الرواية قال للتعبير ”أنا سيد المتون“.
حليات بلاغية تشبه قطع ”الأويما“ التي تُضيف للمعنى عيون، وعُرب لُغوية تلعب بين القرار والجواب في عفوية المُريــد الذي إن سألته عن ملابسات عشقه .. ما علم!
لغة سرد تشبه طفلًا درعميًا، أكتشفت والدته تأخرهُ في النطق فسمعت نصائح الجدّات، وأرسلته يلعب مع أطفال الشارع، فعاد لها يتمتم بجمل قصيرة، لكنها حريفة مثل قرون الفلفل الأحمر بين أصابع “بنيلوب كروز“ في فيلم تاباسكو.
”القرملاوي“ روائي يعلم أن الورق الأبيض إن حملتُــه أمانة الكلمة .. تبســـّـم وفرد ذراعيه متطوحــًا يضم الكون بين سطوره.
والسطور لا تتبرم من دقّة التشكيل. فما وصى به مولانا ”أبا الأسود الدؤلي“ يُبعد عن الكلمة الشُبهات. والروائي الشاطر كالمحامي الحاذق يرى في الكلمة مايراهُ محامي الخصم براءةً لموكلــهُ.
في رواية كُتبت على سلم موسيقي مفتاحه الصول متصوف. مقاماته الموسيقية مثان صوفية. ظلت تبكي طوال الرواية من شدة الوجد وتشكوا النــوى ووصل النغم.
رواية قالت وعن عمد:
التنوير لا يقضي على الإيمــان، بل يرتفع به بعيدًا عن طابعه الطقوسي الموروث.
وكلما إتسعت معارف البشر، يصبح الإيمان إختيارًا حرًا. وعندما يختار الأنسان الرب، يكون إختيــارًا موافقًا للعقل.
سرد رائق سريع دون هرولة. متمهل دون ملل. وتضفير بديع بين إبيجرامية ناعمة يجمعها صدى صوت قادم من قصعة عود شرقي إتكىء على ماض مجيد. صوت يُقر بروح الكتابة قبل أن تخضع لسلطان مادة النقد التي تتعامل مع الحروف بعين المختبر ومبضع التفسير.
عن ”أمطار صيفية“ للموهوب ”أحمد القرملاوي“ كتبت من قلبي عن نص إنسل بريشة عزف رقيقة وترك دعامة لم يوص بها طبيب.